يوم ماتت كل ظنوني و ذُبحت أكبر إعتقاداتي ....وعندها نزفت أجمل أحلامي
في الماضي كنت اظن أنني أسعد البشر...يوم كنت طفلة مليئة بالأحلام الوردية...
لكن الأيام بدأت تكشف لي زيف ماكنت أظنه و صار لي إعتقاد آخر...ظن آخر ...
صرت أظن أنني أقل حظاً من بعض البشر في ما يتعلق بالسعادة لكنني كنت راضية بنصيبي من السعادة حتى أنني كنت سعيدة به فهو كبير....ذلك يوم كنت إستيقظت من حلم الطفولة الجميل و دخلت في مرحلة الإحساس بأن الحياة لا تمنحنا السعادة الكاملة لكنها تمنحنا قدر وفير منها...
لكن الأيام عادت و كشفت لي أن ظني هذا كما سبقه ...زائف فلا سعادة وفيرة في هذه الدنيا و إن كانت هناك سعادة وفيرة فهي ليست لي.... فأفقت و وعيت أنه آن لي أن أستيقظ من سباتي و أتخلى عن سلسلة الأحلام التي أمر بها و أتشبث بها باستماته...
و أصبحت أظن أن من حقي أن أرضى بفتات السعادة الذي يقدم لي بين حين و آخر و أن لا أعترض .... لكن حتى هذا الظن تبين لي في النهاية أنه خاطئ...لأن حتى هذا الفتات ليس لي فتوقفت...
فتوقفت عن الظن...ففي كل مرة أكتشف فيها أنني كنت أعيش الوهم أعيش حالة من الضياع التام...
في كل مرة تموت فيها إحدى إعتقاداتي الوردية التي كنت أتمسك بها أحس أن جزء مني يموت...
في كل مرة تستل الايام سكين الواقع حادة النصل و تذبح بها إحدى مراحل سعادتي القصيرة أحس أنني أم يُذبح وليدها أمام ناظريها...
فتوقفت عن الظن....توقفت بعد ما عشته وأنا أجهض أحلامي واحد تلو الآخر ... بعد ما عاصرته و أنا أنزف سعادتي و ببطء أُجبرت على أن أتوقف عن الظن...أتوقف عن الظن أن لي نصيب من السعادة...حقاً أُجبرت....أُجبرت أن أتعايش مع واقع أن نصيبي من الفرح و السعادة بعض ابتسامات قد تتطور و تصل لضحكات لكنها سريعاً ما تموت على شفتي... لن أكذب أقول أنني لا أرى السعادة نهائياً فلو قلت مثل هذا الكلام فأنا سأفتري على الدنيا فهي تمنحني نصيبي من السعادة.
قد تكون سعادة لحظية...كالبرق تضوي و تختفي لكنها تعد سعادة....
قد تكون سعادة مرورها سريع...كالقطار لو لم تلحق به لن ينتظرك و سيرحل لكنها تعد سعادة....
قد تكون قليلة جداً... كقطرة ماء يجدها ظمآن في صحراء لا تروي عطشه لكنها تعد سعادة.....
لذا أنا الآن أظن.... لا أنا لا أظن فانا توقفت عن الظن منذ زمن...
توقفت عن الظن منذ هجرتني الأحلام السعيدة....
توقفت عن الظن منذ مالت الدنيا ناحيتي و همست و هي تشير للفرح قائلة: إنه ليس لك يا فتاة...قد تصادفينه لكن سيمر بسرعه و على فترات متباعده فلا تظني أن أيامك ستمتلئ به...
آآآآآه لو كنت اعرف ما تخبؤه لي الدنيا لكنت صرخت بها ....لااااا لن أظن.... لست بحاجة للظن.... لكنت تحضرت لما أمر به الآن...
لذا فأنا اليوم و غداً و بعد غد لن أظن....
أنا صرت أعرف....أوقن أن لي القليل من الافراح و لي الكثير من الأتراح...
أوقن أنه و إن وجد البياض في زوايا و أزقة نفسي فالسواد يلفحه و يغطيه بإحكام...
أوقن أن سعادتي قابعة في قبو روحي كأثاث قديم خنقه غبار الأحزان...فلم يعد صالح للإستخدام كسعادتي .....
لذلك قررت أن أستمتع بلحظات الفرح القليلة حينما تقرر أن تزورني و أن أكرمها كثيراً و عندما تستأذن بالرحيل اتركها ترحل بسلام و أعود لأستقبل الحزن و اجلسه في نفس المكان الذي كان الفرح يحتله قبله...في قلبي.
و أيضاً قررت أن أمنح أثاثي القديم الذي لم أعد أستطيع إستخدامه (سعادتي)...أمنحه لغيري فقد ينتفع منه....
و ها أنا أستسلم لخناجر الزمن لتقطع روحي أرباً لن احرك ساكناً فلقد فقدت القدرة على الحراك....
قد يأتي اليوم التي يمل مني الزمن و تتوقف الطعنات و تبدأ روحي في رحلتها الطويلة للتتماثل للشفاء....
قد تكون هذه الطعنات كمبضع الجراح الذي يشفي المريض ...
لا أعرف ....حقاً لا أعرف لكني على كل حال مستسلمة و روحي أتركها ممددة في غرفة العمليات ....
لم أخدرها لكن يُقال أن كثرة التعرض للآلام تخدر المرء ...
لا أعرف...حقاً لا أعرف لكني على كل حال راضية بالنتيجة مهما تكن فقد مللت المقاومة و الاعتقاد...
فإن كان لي الشفاء فسأفرح...نعم سأفرح و أحتفل بنهاية فصل استعباد الألم لقلبي بكل جنباته...
و إن كان لي المزيد من الجراح فلن أعترض...حقاً لن أعترض فلقد توقفت منذ زمن عن الاعتقاد...و اتخاذ المزيد من الأحلام المقتوله سلفاً...
ملحـــــــــــوظة: عندما نقع في مستنقع التعاسة و نحاول إخراج نفسنا و نسقط مره تلو مره نكف عن المحاولة....تتعبنا السقطات و ترهقنا المحاولات الكثيرة....ساعتها نتمرغ بقوة رغبة منا في الخروج من هذا المستنقع الذي كل دقيقة تمر فيه علينا تقتلنا....نظن أن ما نفعله سوف يخرجنا لكننا لا نعلم أن هذا ما يجعلنا نغوص به... فكما كابرنا و زدنا من مقاومتنا كلما سُحبنا إلى الأعماق...إلى حيث المزيد من الآلام....المزيد من الأوجاع ....المزيد من كل ما هو يدمر الروح و يقضي على النفس.
يكون وضعنا كمن علق في رمال متحركة و لم يكف عن الحراك حتى تلتهمه الرمال في جوفها و ساعتها لن يخرج و انتهى.
ما لا نعرفه أنه لنخرج من مستنقع تعاستنا علينا أن نهدأ...نهدأ و نظل ساكنين حتى تنحسر عنا التعاسة و تذهب باحثة عن ضحية أخرى و ساعتها سيكون بإمكاننا أن نبدأ في التنفس و البحث عن بحيرة السعادة لنغتسل فيها و ننظف أنفسنا من آثار ذلك المستنقع.
ايه رايكم؟
دي أحد الخواطر اللي كتبتها نتيجة الهم اللي واضح إنه هيطول معايا